الاثنين، 18 نوفمبر 2019
الخميس، 1 أغسطس 2019
بيان أنواع التوحيد والفرق بينها
توحيد الربوبية: هو الإيمان بالله بصفات الفعل كالخلاق والرزاق ومدبر الأمور ومصرفها ونحو ذلك، وأن مشيئته نافذة وقدرته كاملة، وهذا هو الذي أقر به المشركون، المشركون أقروا بأن الله خالقهم ورازقهم ومدبر أمورهم وأنه خالق السماوات وخالق الأرض، وهو توحيد الله بأفعاله، هذا توحيد الربوبية بأن تؤمن بأن الله هو الخلاق الرزاق مدبر الأمور مصرف الأشياء الذي خلق كل شيء ودبر الأمور وصرفها وخلق الأنهار والبحار والجبال والأشجار والسماء والأرض وغير ذلك، هذا توحيد الربوبية.
أما توحيد الألوهية: فهو توحيد الله بأفعالك أنت، تخصه بالعبادة دون كل ما سواه من صلاة وصوم ودعاء ونذر وزكاة وحج وغير ذلك، توحيد الألوهية هو معنى لا إله إلا الله، أي لا معبود حق إلا الله، وهو أن تخص ربك بأفعالك بعباداتك بقرباتك لا تدعو مع الله إلهًا آخر، لا تعبد معه سواه من شجر أو حجر أو صنم أو نبي أو ولي فلا تدعو غير الله، لا تقول يا سيدي البدوي اشفني، أو يا رسول الله اشفني أو عافني أو انصرني، أو يا فلان أو يا فلان من الأولياء أو من غير الأولياء من الأموات أو من الأشجار والأحجار والأصنام، هذا الشرك الأكبر.
فتوحيد العبادة معناه: أن تخص العبادة لله وحده، ويقال له توحيد الإلهية، والإلهية هي العبادة معناه أن يخص الله بالعبادة دون كل ما سواه، وهذا هو معنى قوله سبحانه: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ [البينة:5].
وقوله سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [الإسراء:23]، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ [البقرة:21]، وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56] معناه أن يخصوا الله بالعبادة بصلاتهم وصومهم ودعائهم واستغاثتهم وجهادهم كله لله وحده، هذا يسمى توحيد العبادة، ويسمى توحيد الإلهية، وهذا أنكره المشركون وأبوه، ولما قال: قولوا لا إله إلا الله أبوا واستنكروها وقالوا: أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ [ص:5]، فاستنكروا ذلك وأصروا على كفرهم وضلالهم وهم يقولون: الله الخالق الرازق المدبر، يقولون هذا ولكن مع ذلك لم يخضعوا لتوحيدهم العبادة .. فلهذا صاروا كافرين، وقاتلهم النبي ﷺ واستحل دماءهم وأموالهم لكفرهم وعدم إذعانهم بتوحيد الإلهية.
وهناك توحيد ثالث، وهو توحيد الأسماء والصفات، وهو: الإيمان بأسماء الله وصفاته كلها التي جاءت في القرآن والتي صحت بها السنة عن النبي ﷺ لا بدّ من الإيمان بها كلها وإثباتها بأنه العليم الحكيم الرؤوف الرحيم، وأنه يرضى ويغضب ويتكلم إذا شاء ، جميع صفاته في القرآن والسنة لا بدّ من الإيمان بها وإثباتها لله ، وهذا يسمى توحيد الأسماء والصفات، والإيمان بأن الله واحد في ذاته، واحد في أسمائه وصفاته، لا شريك له، ليس له شريك يخلق أو يرزق أو يرحم العباد حتى يدخلهم الجنة وينجيهم من النار، وليس له شريك في القدرة وأنه قادر على كل شيء، بل هو منفرد بهذا فليس له شريك في إلهيته ولا في أسمائه وصفاته ولا في ربوبيته .
فهو الواحد في الربوبية، هو الواحد في الإلهية، هو الواحد في الأسماء والصفات، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ[الشورى:11]، هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا [مريم:65]، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:4]، فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ [النحل:74].
فأسماؤه كلها حسنى وصفاته كلها علا وكلها حق له ثابت، وهو موصوف بها حقًا لا مجازًا، فيجب إثباتها لله وإمرارها كما جاءت والإيمان بها، وأنها حق لائقة بالله ، وأنه ليس كمثله شيء في ذلك، وهو السميع البصير .
تعريف الولاء والبراء
الولاء في اللغة: جاء في لسان العرب: الموالاة - كما قال ابن الأعرابي -: أن يتشاجر اثنان فيدخل ثالث بينهما للصلح، ويكون له في أحدهما هوى فيواليه أو يحابيه. ووالى فلان فلاناً: إذا أحبه.
والمولى: اسم يقع على جماعة كثيرة، فهو: الرب، والمالك، والسيد والمنعم، والمعتق، والناصر، والمحب، والتابع، والجار، وابن العم، والحليف، والعقيد، والصهر، والعبد، والمعتق، والمنعم عليه. ويلاحظ في هذه المعاني أنها تقوم على النصرة والمحبة (1)
والولاية – بالفتح - في النسب والنصرة والعتق.
والموالاة – بالضم - من والى القوم. قال الشافعي في قوله صلى الله عليه وسلم: ((من كنت مولاه فعلـي مولاه)) (2) يعني بذلك ولاء الإسلام، كقوله تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ [محمد:11].
والموالاة ضد المعاداة، والولي ضد العدو، قال تعالى: يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا[مريم:45].
قال ثعلب: كل من عبد شيئاً من دون الله فقد اتخذه ولياً. وقوله تعالى: اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ [البقرة:257]. وليهم في نصرهم على عدوهم، وإظهار دينهم على دين مخالفيهم. وقيل: وليهم، أي: يتولى ثوابهم ومجازاتهم بحسن أعمالهم.
والولي: القرب والدنو (3) . والموالاة: المتابعة.
والتولي: يكون بمعنى الإعراض، ويكون بمعنى الاتباع. قال تعالى: وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ [محمد:38]. أي: أن تعرضوا عن الإسلام.
وقوله تعالى:وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [المائدة:51].
معناه: من يتبعهم وينصرهم (4) .
وقال صاحب (المصباح المنير) الولي: فعيل بمعنى فاعل، من وليه إذا قام به، ومنه قوله تعالى: الله ولي الذين ءامنوا[البقرة:257].
ويكون الولي: بمعنى مفعول، في حق المطيع، فيقال: المؤمن ولي الله. ووالاه موالاة وولاء: من باب (قاتل) أي تابعه (5) .
تعريف البراء في اللغة: قال ابن الأعرابي: بَرِئ إذا تخلص، وبَرِئ، إذا تنزه وتباعد، وبَرِئ: إذا أعذر وأنذر، ومنه قوله تعالى: بَرَاءةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ [التوبة:1] أي: إعذار وإنذار.
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه لما دعاه عمر إلى العمل فأبى قال عمر: (إن يوسف قد سأل العمل، فقال أبو هريرة: إن يوسف مني بريء وأنا منه براء) (6) . أي برئ عن مساواته في الحكم وأن أقاس به، ولم يرد براءة الولاية والمحبة لأنه مأمور بالإيمان به، انتهى من (النهاية).
والبراء والبريء سواء.
وليلة البراء: ليلة يتبرأ القمر من الشمس، وهي أول ليلة من الشهر (7) .
تعريف الولاء بالمعنى الاصطلاحي: الولاية هي النصرة والمحبة والإكرام والاحترام والكون مع المحبوبين ظاهراً. قال تعالى:اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ[البقرة:257] (8) .
فموالاة الكفار تعني التقرب إليهم وإظهار الود لهم، بالأقوال والأفعال والنوايا (9) .
تعريف البراء بالمعنى الاصطلاحي: هو البعد والخلاص والعداوة بعد الإعذار والإنذار.
شرح تعريف الولاء والبراء: قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الولاية: ضد العداوة: البغض والبعد... والولي: القريب يقال: هذا يلي هذا: أي يقرب منه، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: ((ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر)) (10) أي: لأقرب رجل إلى الميت.
فإذا كان ولي الله هو الموافق المتابع له فيما يحبه و يرضاه، ويبغضه ويسخطه ويأمر به وينهى عنه، كان المعادي لوليه معادياً له. كما قال تعالى: لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ [الممتحنة:1]. فمن عادى أولياء الله فقد عاداه، ومن عاداه فقد حاربه ولهذا جاء في الحديث: ((ومن عادى لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة)) (11) (12) .
ومسمى الموالاة (لأعداء الله): يقع على شعب متفاوتة منها ما يوجب الردة وذهاب الإسلام بالكلية، ومنها ما هو دون ذلك من الكبائر والمحرمات (13) . ولما عقد الله الأخوة والمحبة والموالاة والنصرة بين المؤمنين، ونهى عن موالاة الكافرين كلهم من يهود ونصارى وملحدين ومشركين وغيرهم كان من الأصول المتفق عليها بين المسلمين: أنّ كل مؤمن موحّد تارك لجميع المكفرات الشرعية تجب محبته وموالاته ونصرته، وكل من كان بخلاف ذلك وجب التقرب إلى الله ببغضه ومعاداته، وجهاده باللسان واليد بحسب القدرة والإمكان.
وحيث إن الولاء والبراء تابعان للحب والبغض، فإن أصل الإيمان أن تحب في الله أنبياءه وأتباعهم، وتبغض في الله أعداءه وأعداء رسله (14) .
وقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله: من أحب في الله، وأبغض في الله ووالى في الله، وعادى في الله، فإنما تنال ولاية الله بذلك، ولن يجد عبد طعم الإيمان وإن كثرت صلاته وصومه حتى يكون كذلك، وقد صارت عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا، وذلك لا يجدي على أهله شيئاً (15) .
وإذا كان حبر هذه الأمة يذكر أن مؤاخاة الناس في زمانه قد أصبحت على أمر الدنيا وأن ذلك لا يجدي على أهله شيئاً، وهذا في القرن الذي هو خير القرون: فجدير بالمؤمن أن يعي ويعرف من يحب ومن يبغض، ومن يوالي ومن يعادي ثم يزن نفسه بميزان الكتاب والسنة ليرى أواقف هو في صفّ الشيطان وحزبه أم في صفّ عباد الرحمن وحزب الله الذين هم المفلحون، وما عداهم فأولئك هم الذين خسروا الدنيا والآخرة!
وإذا أصبحت المؤاخاة والمحبة على أمر الدنيا - كما قال الصحابي الجليل عبدالله بن عباس - فإن تلك المحبة والمؤاخاة لا تلبث أن تزول بزوال العرض الزائل وحينئذ لا يكون للأمة شوكة ومنعة أمام أعدائها.
وفي عصرنا الحاضر عصر المادة والدنيا قد أصبحت محبة الناس في الأغلب على أمر الدنيا وذلك لا يجدي على أهله شيئاً. ولن تقوم للأمة الإسلامية قائمة إلا بالرجوع إلى الله والاجتماع على الحب فيه والبغض فيه والولاء له والبراء ممن أمرنا الله بالبراء منه، وعندئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.
الثلاثاء، 7 مايو 2019
معنى لا إله إلا الله وشروطها
لا إله إلا الله هي أفضل الكلام بعد القرآن، هي أحب الكلام إلى الله، وأفضل الكلام، وهي كلمة الإخلاص، وهي أول شيء دعت إليه الرسل عليهم الصلاة والسلام، وأول شيء دعا إليه النبي ﷺ أن قال لقومه: قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا، هي كلمة الإخلاص كلمة التوحيد.
ومعناها: لا معبود حق إلا الله، هذا معناها كما قال تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ [الحج:62]، وهي نفي وإثبات، (لا إله) نفي و(إلا الله) إثبات، (لا إله) تنفي جميع المعبودات وجميع الآلهة بغير حق، و(إلا الله) تثبت العبادة بالحق لله وحده ، فهي أصل الدين وأساس الملة.
والواجب على جميع المكلفين من جن وإنس أن يأتوا بها رجالًا ونساء، مع إيمان بمعناها واعتقاد له وإخلاص العبادة لله وحده.
وشروطها ثمانية جمعها بعضهم في بيتين فقال:
علم يقين وإخلاص وصدقك مع | محبة وانقياد والقبول لها |
وزيد ثامنها الكفران منك بما | سوى الإله من الأشياء قد ألها |
فالذي يعلم هذه الأمور فالحمد لله، وإلا يكفي معناها وإن لم يعلم هذه الشروط، إذا أتى بمعناها فعبد الله بالحق وأخلص له العبادة، وترك عبادة ما سواه، واستقام على دين الله كفى وإن لم يعرف الشروط.
والشروط معناها واضح:
(علم) يعني: أن تعرف معناها وأن معناها لا معبود حق إلا الله.
(يقين) وأن تكون موقنًا بذلك ما هو بعن شك عن يقين أنه لا معبود بحق إلا الله.
(وإخلاص) لابد من إخلاص العبادة لله وحده صلاتك صومك صدقاتك كلها لله وحده.
(مع محبة) لابد المحبة تكون لله تحب الله محبة صادقة، تحب رسوله ﷺ، لابد من محبة الله جل وعلا.
وهكذا (الصدق) لابد تكون صادقًا صادقًا في ذلك بخلاف المنافقين يكذبون، أما أنت تقولها صادقًا أنه لا معبود حق إلا الله، وانقياد تنقاد لما دلت عليه من إخلاص العبادة لله وحده وترك عبادة ما سواه، وأداء الشرائع التي شرعها الله لك من الأوامر وترك النواهي عن محبة وانقياد.
وهكذا (القبول) تقبل ما جاء به الشرع ولا ترده، تقبل ما دلت عليه من العبادة والتوحيد والإخلاص ولا ترده، ولابد من الكفران بما يعبد من دون الله كما قال سبحانه: فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ[البقرة:256]، والمعنى أنك تبرأ من..... تبرأ منها، تعتقد بطلانها، تؤمن بأن الله المعبود بالحق وأن ما عبده الناس من دون الله باطل فتكفر به وتبرأ منه، هذه معنى الشروط الثمانية.
علم يقين وإخلاص وصدقك مع | محبة وانقياد والقبول لها |
وزيد ثامنها الكفران منك بما | سوى الإله من الأشياء قد ألها |
فإذا عرفها طالب العلم طبقها، والذي لا يعرفها يكفيه المعنى إذا أتى بهذه الكلمة عن إيمان وإخلاص لله ويقين وصدق في ذلك، وتبرأ من عبادة غير الله وانقاد للشرع فقد أتى بالمقصود مع محبة الله سبحانه ومحبة دينه. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا وأحسن إليكم.
الاشتراك في:
الرسائل
(
Atom
)